المهارة المستهدفة: اختيار موضوع في الامتحان.
الهدف المميّز: أن يصبح المتعلّم قادرا على اختيار الموضوع الأنسب، دون أن يخلّ بما هو مطلوب حقيقة فيه.
الوسيلة: اقتراح موضوعين على التّلاميذ، و مطالبتهم باختيار أحدهما، حتّى يتبيّنوا بصفة فعليّة الصّعوبات و المزالق
التّي يمكن أن يثيرها فعل الاختيار.
الموضوع الأوّل: هل بامكاننا القول أنّ الشكّ مفيد للمعرفة لكنّه مسيء للفعل ؟
الموضوع الثّاني: ما رأيك في هذا القول: " انّ القناعات تشكّل أعداءا للحقيقة أكثر خطرا من الأكاذيب".
" انّ كلّ وعي، هو كما يقول هوسّرل، وعيا بشيئا ما "، و من حيث هو كذلك، بعبّر عن فعل و عن حركة نحو شيء يتجلّى لنا في فيض من الذّاكرة و من الاستباق.
و بهذا المعنى، يكون الوعي في كلّ مستوياته، ذكرى أوّليّة لماض قريب أو ذكريات ثانويّة لماض أبعد.
ليست المعرفة المباشرة، اذن، سوى تعرّف... ( يقول أفلاطون: " المعرفة تذكّر و الجهل نسيان " ).
Connaître spontanément c’est reconnaître
و ما نتعرّف اليه – خصوصا يوم الامتحان الذّي يحدّد مصير سنة كاملة – يطمئن. بمعنى آخر، كلّ ما نتعرّف اليه يوم الامتحان في المواضيع الثّلاثة المقترحة – أي يذكّرنا بمعرفة مكتسبة خلال السّنة – يترسّخ في الوعي ( ننتبه اليه ) و يثير ارتياحنا ( و بذلك نطمئنّ ).
إنّ كلّ وعي هو أوّلا اختيار، و ذلك بصفة مسبقة لعمليّة التّفكير ( آليّا و تلقائيّا ).
لكن أن نختار، هو في نفس الوقت أن نفضّل و أن نؤثر، في صلب الموضوع ذاته، شيئا ما على شيء آخر، فينتج عن ذلك تغافل عن بقيّة أجزاء الموضوع: و تلك هي الكارثة. مثال: ما يجب تجنّبه:
الموضوع 1: نركّز على الشكّ... اذن، الموضوع يتعلّق بديكارت... لم يعد هناك مشكل، لأنّ ديكارت أعرفه. ينتج عن ذلك أن تختفي من مراكز اهتمامي " المعرفة "
و " الفعل ".
× الموضوع 2: نركّز على التّضادّ الموجود بين الحقيقة و القناعات.. هذا التّضادّ واضح في أكثر من مستوى بالنّسبة الينا. ينتج عن ذلك أن تختفي من مراكز اهتمامنا العلاقة القائمة بين القناعات و الأكاذيب من جهة، و بين الحقيقة و الكذب من جهة أخرى.
القاعدة الأساسيّة:
لا يجب أن نثق فيما نقوم به بصفة آليّة و عفويّة و تلقائيّة، و خصوصا بشأن اختيارنا للمواضيع، لأنّ ذلك
يستدرجنا نحو عرض و سرد معلومات لا توظّف في اطار اشكال الموضوع.
( يقول ديكارت أنّ... = نختفي وراء فيلسوف و نستقيل عن عمليّة التّفكير ): قد يحدث أن نخرج فرحين و مطمئنّين من الاختبار، لكنّ العدد المسند لعملنا سيخيّب أملنا، لأنّ العمل التّلقائي يغيب فيبه التّفكير.
يجبرنا رهان الامتحان على أن نقوم باختيار متبصّر – نركّز اهتمامنا و ننتبه اراديّا الى كلّ حدّ من حدود الموضوع ( و لكن دون أن نغفل، مع ذلك، السّياق و الصّيغة التّي أتى عليها )، ثمّ ننتبه الى جملة العلاقات القائمة بين هذه الحدود و الكلمات حتّى نتمكّن من طرح الاشكال الذّي يثيره هذا الموضوع. لذلك يستحسن أن ننجز جدولا نقوم فيه بتوضيح دلالة الكلمات التّي يتكوّن منها الموضوع، و نحدّد العلاقات القائمة بينها، حسب منطق الموضوع ذاته. قد نخرج مستاءين و متكدّرين من الامتحان ( لأنّه تبدّى لنا صعبا )، و لكنّنا ننجح لو قمنا بمعرفة ما هو مطلوب بصفة حقيقيّة في الموضوع.
يتوجّب اذن، التّدرّب على الاختيار
1. حتّى بعد انجاز هذا الجدول المقترح، أظلّ متأرجحا بين النّعم و اللاّ. أليست المعرفة أيضا، اثباتا يقصي الشكّ ؟ ان لم تكن المعرفة كذلك فستتحوّل الى مجرّد فرضيّة. ثمّ ألا يتوجّب على الفعل أن يكون موزونا و مضبوطا ؟ ( افتراض فعل الشكّ ذاته ) قد يؤدّي الفعل، ان لم يكن كذلك، الى تحقيق نتائج عكسيّة.
و بذلك أتفطّن الى أنّ معارفي حول الشكّ ليست كافية لتناول الموضوع، ذلك أنّه يستوجب أن تكون لي دراية بدلالات المعرفة و الفعل و بالعلاقات التّي يمكن أن تجمع هذين المفهومين. و يفترض هذا، بطبيعة الحال، أن تكون لي معرفة دقيقة بكامل محاور البرنامج. فان كانت هذه المعرفة تعوزني، يتوجّب عليّ تجنّب اختيار هذا الموضوع.
2. أليس الانسان الذّي يحمل قناعات، هو ذلك الانسان الذّي يملك الحقيقة حول مختلف الأشياء و الأمور ؟ فكيف تكون هذه القناعات أعداءا للحقيقة ؟ أليس الكاذب هو من يقوم بتحقيق مكاسب و مصالح بفضل اخفاء الحقيقة ذاتها و تعتيمها ؟ فكيف يكون الكذب، اذن، أقلّ خطرا على الحقيقة من القناعة ؟
يتطلّب الموضوع، اذن، أن نقوم بتحديد دلالة كلماته الأساسيّة بشكل يتجاوز التّصوّرات السّائدة و العامّية بشأنها، حتّى نتمكّن من فهم الاقرار الذّي أتى عليه الموضوع.
شروط الاختيار السّليم و المتبصّر:
الانتباه الى كلّ أجزاء الموضوع دون استثناء، و القيام بتحديد دلالاتها، كلّ جزء على حدة.
الكشف عن العلاقات القائمة بين هذه الحدود ( حسب منطق الموضوع ).
الاهتمام بصيغة الموضوع ( لكي نتعرّف على المطلوب ).
المطلوب، بالنّسبة لموضوع يطرح تساؤلا، ليس هو نفسه بالنّسبة لموضوع يحتوي على اقرار و اثبات