عاشت بلدة كترمايا في منطقة إقليم الخروب في جبل لبنان، أمس، أحداثا غير عادية بعدما أقدمت مجموعة من الشبان في البلدة على قتل العامل المصري محمد سليم مسلّم، 39 عاما، أثناء تمثيله لجريمة ارتكبها وذهب ضحيتها 4 أشخاص من عائلة واحدة، ثم مثلوا بجثته.
|
محمد سليم مسلم معلق من عنقه أمام أعين أهالي بلدة كترمايا |
وفي تفاصيل الحادثة، أن والدة الطفلتين، رنا، التي تعمل مدرّسة، وتعيش مع ابنتيها في بيت والديها بعد انفصالها عن زوجها محمد مصطفى الرواس الذي يعمل حاليا في السعودية، فجعت بأفراد عائلتها مضرجين بدمائهم وطعنات السكين واضحة على أجسادهم بعد عودتها من عملها. فحضرت القوى الأمنية إلى المنزل وفتحت تحقيقا في الحادث لمعرفة ملابسات الجريمة. لكن، وبعد أقل من 24 ساعة على الفاجعة، وفي حين كانت بلدة كترمايا تعيش يوم حداد على أبنائها الأربعة، ألقي القبض على القاتل وهو مصري الجنسية يدعى محمد سليم مسلّم، وضبط معه سكين وسترة لا تزال واضحة عليها آثار الدماء. فعمدت القوى الأمنية، وبعد اعتراف المجرم بفعلته، إلى نقله إلى مسرح الحادثة لتمثيل جريمته. وأثناء اقتياد عناصر من قوى الأمن الداخلي للموقوف مسلّم إلى مسرح الجريمة لتمثيل جريمته التي أودت بحياة يوسف أبو مرعي، 75 عاما، وزوجته كوثر، 70 عاما، وحفيدتيهما الطفلتين زينة الرواس، 7 أعوام، وآمنة الرواس، 9 أعوام، بعد أن اعترف بارتكابها وذبح الضحايا بسكين حاد كان يستخدمها في ملحمة يعمل فيها قبل أن يلوذ بالفرار، ولدى وصول الموكب إلى المكان انقض عدد من أبناء البلدة وانهالوا عليه بالضرب وأصابوه إصابات بالغة. وعلى أثر ذلك، قامت القوى الأمنية بنقله إلى مستشفى سبلين للمعالجة، ولكن الأهالي لحقوا به وهاجموا المستشفى وقتلوه، ثم سحبوا جثته من داخل المستشفى وربطوها بسيارة وعادوا بها إلى بلدة كترمايا. وبعد أن نزعوا عن القاتل ثيابه الخارجية، ربطوا رقبته بقضيب من الحديد وعلقوا الجثة بعمود في ساحة البلدة.
وتزامن ذلك مع حالة غضب شديدة عمت البلدة وأبناءها قبل أن تتدخل قوة من الجيش وقوى الأمن الداخلي وتنقل الجثة إلى المستشفى مجددا، وتباشر بأمر من النيابة العامة بمطاردة الأشخاص الذين قتلوا مسلّم لتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص لمحاكمتهم. وبقي التوتر سائدا حتى ليل أمس في وقت كان أهالي كترمايا متحفظين عن تسلم جثث الضحايا الأربعة إلى حين معرفة دوافع الجريمة وسبب مقتل الأبرياء.
وأفادت مصادر قضائية لـصحيقة «الشرق الأوسط» بأن «التحقيق يأخذ اتجاهات متعددة، منها استكمال المعلومات لمعرفة أسباب جريمة قتل أبو مرعي وزوجته وحفيدتيهما، وفتح تحقيق فوري بقضية قتل مسلّم وآخر بمسألة التهجم على عناصر قوى الأمن وانتزاع الموقوف من أيديهم وقتله، وهذا الشق الأخير يشرف عليه القضاء العسكري»، مشيرة إلى أن «المعالجة القضائية والأمنية الفعلية تنتظر هدوء الأجواء وعودة الهدوء إلى البلدة ودفن الضحايا حتى لا يشكل أي إجراء فوري سببا لزيادة التأزيم».
|
في المقابل، رجح مصدر أمني أن يكون قاتل أبو مرعي وعائلته «رجلا مهووسا، وبخاصة أن لديه أسبقيات في التحرش بنساء وفتيات، وهناك معلومات تفيد أن منذ أيام اعتدى على فتاة جنسيا في البلدة، وكان متواريا عن الأنظار ثم ارتكب جريمته الجماعية من دون أن يراه أحد»، وتوقع المصدر الأمني أن «يكون مسلّم راقب منزل أبو مرعي قبل أن يهاجمه عصر أول من أمس ويرتكب جريمته التي يرجح أن يكون دافعها محاولة اعتداء وليس السرقة».
وتعليقا على ما حدث في بلدة كترمايا، قال رئيس بلديتها محمد حسن : «إن ما قامت به القوى الأمنية من إحضار للقاتل إلى موقع الجريمة لتمثيله فعلته بعد أقل من 24 ساعة على وقوعها من دون أن تراعى حرمة الجريمة والأبرياء، وقبل حتى أن نحصل على إذن من النيابة العامة لاستلام الجثث، أثار مشاعر أهل القرية الذين أصيبوا بهذه الفاجعة. مع العلم بأن الجهات الرسمية لم تضعنا في أجواء ما توصلت إليه التحقيقات. وكان أهالي القرية عرفوا بهوية المجرم من وسائل الإعلام، وهو يسكن في مكان قريب من البيت الذي وقعت فيه الجريمة، ومعروف بأنه ذو سمعة سيئة وسبق له أن ارتكب جرائم». وأشار حسن إلى أن القوى الأمنية التي كان عدد أفرادها محدودا، لم تتمكن من ضبط الشارع الذي يعيش أبناؤه حالة من الغليان منذ لحظة وقوع الجريمة، وانعكس ذلك في رد فعلهم عند رؤية القاتل، مضيفا: «كان على القوى الأمنية والجهات الرسمية أن تتخذ تدابير وإجراءات غير تلك التي اتخذتها، آخذة بعين الاعتبار الوضع الحرج الذي يعيشه أبناء القرية». وفي حين لم تعلن الجهات الرسمية عن إلقاء القبض على أحد من الشباب الذين شاركوا في قتل المجرم، قال حسن: «ليس هناك من مطلوبين للعدالة في كترمايا، وأبناؤنا ليسوا خارجين عن القانون، وبالتالي لن نسكت إذا ألقي القبض على أحد منهم