عندما أشاهد الفتيات يغمى عليهن في حضرة الفنان تامر حسني أصاب بحالة من الذهول الشديد وأعود بالذاكرة الى الأيام الخوالي، أيام عمالقة الغناء العربي، عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهما.
فجأة ظهر نجم جديد على الساحة الغنائية ورافقت حفلاته حالات إغماء تصاب بها المعجبات به ويتدافعن للسلام عليه فيحاول مرافقوه إبعادهن بالقوة، وينتهي المشهد المؤثر بالدموع التي تنهمر من عيني الفنان، فلا نذكر بعد اختتام الحفلة سوى صور المراهقات {يتأوهن} ألماً ومرارة على فراق نجمهن المحبوب. ترافق هذه الصورة تامر حسني في كل حفلاته سواء في مصر أو في أي بلد عربي يزوره.
متعدد المواهب
ولد تامر حسني عباس فرغلي في أسيوط عام 1977 من أب مصري وأم سورية، هاجر والده إلى الخارج للعمل وعملت والدته لتؤمن له ولشقيقه حسام مستقبلاً زاهراً.
أكتشفته الإعلامية سلمى الشماع مديرة قناة {المنوعات} آنذاك أثناء زيارتها كلية الإعلام في جامعة 6 أكتوبر، فقدمته في حفلات قناة {النيل للمنوعات} التي حضر إحداها المنتج نصر محروس، فأعجب بتامر وقرر تبنيه فنياً الى جانب المطربة شيرين عبد الوهاب.
ضمّ شريطه الأول مجموعة من الأغنيات أبرزها دويتو {لو خايفة} مع شيرين وآخر بعنوان {لو كنت نسيت} مع الفنانة نفسها . هكذا ولد نجم كرس نفسه أحد رموز الرومنسية والحب الوردي في زمن باتت فيه الرومنسية شبه منقرضة.
ليس تامر مجرد مغني فحسب إنما يؤلف أغنياته ويلحّنها وصاحب رؤية سينمائية قدم من خلالها {عمر وسلمى}، من تأليفه وإخراج أكرم فريد، بالإضافة إلى {سيد العاطفي}، {حالة حب}، {كابتن هيما}.
لم تتأثر شعبية تامر حسني بعد دخوله السجن في 23 فبراير 2007، عندما ألقت مباحث الأموال العامة القبض عليه بتهمة تزوير شهادة إنهاء خدمته العسكرية للحصول على جواز سفر بهدف إحياء حفلات في الخارج . حكم عليه بالسجن سنة كاملة ولم تغب أخباره خلالها عن وسائل الاعلام.
مع أن هذه الورطة القانونية لم تكن الأولى إلا أن شعبيته زادت وارتفعت نسبة مبيعات ألبوماته. سبق أن ألقي القبض عليه برفقة إبنة ممثل كوميدي شهير في شقة أحد مخرجي الإعلانات، بعدما تقدّم أحد سكان البناية بشكوى من الضجة الصادرة عن تلك الشقة والتي شكّلت مصدر إزعاج للسكان، بالإضافة الى أن هذا المخرج معروف بإدارة شقته لأعمال منافية للأخلاق.
يحمل المحضر رقم 2803 جنح مدينة نصر حيث العقار رقم 24 في شارع أنور المفتي، إلا أنه سرعان ما أُغلق بعد تدخل والد الفتاة وبعض الشخصيات النافذة .
لدى سؤالنا الإختصاصي في المشاكل الإجتماعية الدكتور طارق الوكيل، حول ظاهرة تامر حسني أجاب أن سبب شعبية هذا الأخير لدى الشباب، خصوصاً خلال وجوده في السجن، ليس حباً به، لكن لشعور دفين عند هؤلاء بأن دولتهم خذلتهم وأن ما فعله تامر كان تحدّياً للحكومة، التي لم تؤمن لهم فرص العمل ولا الحياة التي يحلمون بها.
وأضاف الدكتور وكيل: {يفسر هذا الأمر رواج الأفلام التي صوّرت الخارجين عن القانون بمظهر الأبطال، على غرار {الجزيرة} لأحمد السقا و{خارج عن القانون} لكريم عبد العزيز، وقبلهما {الهارب} لأحمد زكي.
عزف على وتر الدين
بدا تامر صاحب ذكاء أكثر منه صاحب موهبة، فبعد خروجه من السجن عزف على وتر الدين لتحسين صورته، فتقرّب من عمرو خالد، الداعية الإسلامي الأشهر في الوطن العربي والمؤثر الأول في جيل الشباب وأصبح من مؤيديه وظهر معه في مناسبات كثيرة، وتحدث أكثر من مرة عن تأثيره في حياته، كذلك أدى أغنية مقدمة البرنامج الديني {الجنة في بيوتنا} الذي يقدّمه عمرو خالد، هكذا تحوّل تامر إلى فنان رومنسي متديّن، في المقابل ظهر بأسلوب مثير في بعض مشاهد أفلامه بهدف جمع الرموز كلها وكل ما يمكن أن يداعب خيال الفتيات المراهقات.
لكن الصورة، بالنسبة إلى تامر، لم تكتمل بعد في ظل تربّع عمرو دياب على القمة في وقت هوت فيه مجموعة من الأسماء من بينها: محمد فؤاد، مصطفى قمر، إيهاب توفيق، حكيم وغيرها.
يقول الدكتور وكيل في هذا الاطار إن ثمة فنانين يطمحون إلى الحلول محلّ الذين سبقوهم وتربعوا على القمة، وهذه حال تامر حسني ونظرته إلى نجومية عمرو دياب، سواء شعر بذلك أم لم يشعر.
يوضح وكيل: {يمكن أن يحصل هذا الأمر مع أي فنان يشعر بأن ثمة من أطال المكوث على القمة وأن الزمن لم يعد زمانه وعليه التنحي للجيل الجديد، لذلك كان لا بد لتامر من أن يكون لديه سلاح أكثر فتكاً وإثارة، فيبتكر سلاحاً {المعجبات المجنونات}.
آخر فصول هذه الظاهرة ما حصل في جامعة المنصورة في مصر، بالإضافة الى الفوضى العارمة التي عمّت الحفل وحالات التحرش التي حصلت نتيجة الفوضى واختلاط الشبان بالفتيات، أغمي على الفتيات كالعادة فانسحب تامر بعد نصف ساعة من الحفل والدموع تنهمر من عينيه تأثراً بالمحبة المجنونة، في الوقت الذي طالبه فيه الطلاب بمغادرة الجامعة.
مجنونات تامر لا يغمى عليهن في مصر فحسب، إنما أينما حلّ، ففي الكويت مثلا وبتاريخ 10 يوليو 2008 تم ايقاف حفل له في فندق {الراية} بسبب هجوم فتاة عليه ومحاولة تقبيله.
أما في الجزائر فشككت الصحف الجزائرية بأن تكون الفتيات الجزائريات حاولن التعرض له في احدى الحفلات التي أحياها هناك، بل على العكس تحدثت تلك الوسائل عن حادثة تبين أن كل هذه الأمور من تدبير تامر حسني، ففي أثناء ظهوره في أحد البرامج الفنية على الهواء، اتصلت به إحدى المعجبات وطلبت يده، وبعد الإنتهاء من البرنامج نشب خلاف بين المعدّ وعامل الهاتف ليتبين في ما بعد أن تامر اتفق مع هذا الأخير على تمرير تلك المكالمة.
رومنسية هادئة
لدى سؤلنا بوب، مدير أعمال الفنان مروان خوري، المعروف بشعبيته في دول المغرب العربي: المغرب وتونس والجزائر، حول ما إذا كان هذا الأخير، الذي يعتبر رمز الرومنسية، قد تعرّض لمثل هذه المواقف المحرجة، أجاب أن مروان لم يتعرّض في جميع حفلاته سوى لتظاهرات حب، لم يواجه خلالها مواقف حرجة أو متهوّرة من معجباته بل على العكس، كان التعبير عن الحب له يتمّ بطريقة دافئة وهادئة، مثل تقديم الورود أو التقاط الصور بكل احترام. أما على خشبة المسرح فكانت الهتافات تتعالى ومعظمها من الفتيات وهذا أمر طبيعي لأن الفتيات يعتبرن مروان رمزاً للحب العذري والرومنسية الحالمة.
أما عن ظاهرة تامر حسني فأكد بوب أنه يشكّ في صحة هذه الأخبار لكنه لا يستطيع نفيها نفياً قاطعاً، وأن فتيات الجزائر يشتهرن برصانتهن الشديدة والتعبير بمنتهى الهدوء عن إعجابهن بالفنان.
أما في سورية التي احيا فيها تامر إحدى أهم حفلاته في الصيف الماضي، فقد أحضر متعهد الحفلة باصين مليئين بالفتيات لاستقبال المطرب على المطار واصطناع الإغماء، باعتبار أنها كلها عناصر من {عدة الشغل}، لأن حالة الجنون المصطنعة تلك تساعد المتعهد في تعبئة الجمهور كذلك فإن إحداث هستيريا لدى رؤية الفنان تساعد على بيع بطاقات الحفلة .
بعد كل ما تقدّم، هل يعتبر تامر حسني فعلا ظاهرة ومعبود المراهقات اللواتي لا يستطعن مقاومة سحره فيغمى عليهن من شدة التأثر أو هو نتاج مجتمع يحتاج الى نموذج يمثل حالة من النجاح الطاغي حتى لو كان هذا النجاح أكذوبة كبيرة؟