كانت اللغة العربية تدرس في الألسن منذ أنشأها الشيخ الأزهري رفاعة رافع الطهطاوي عام 1835 لتكون نقطة انطلاق النهضة العلمية والثقافية في مصر والمجتمعات العربية في العصر الحديث، عن طريق "نقل وترجمة العلوم والمعارف العصرية" من اللغات الأوربية الحديثة إلى اللغة العربية. لكن النهضة تعثرت بعد محمد علي، فأغلقت مدرسة الألسن أبوابها سنوات طويلة، حتى أعيد افتتاحها عام 1950، وكان أول عميد لمدرسة الألسن العليا في مرحلتها الجديدة الدكتور مراد كامل أستاذ اللغات السامية.
وفي ذلك الوقت كان قسم اللغة العربية يضم نخبة من الأساتذة الذين جاءوا إلى الألسن من جامعة القاهرة سواء من كلية الآداب أو من دار العلوم، وكانوا يدرّسون اللغة العربية وآدابها وحضارتها لطلاب الأقسام الأخرى دون أن يكون هناك طلاب في قسم اللغة العربية، فلم يكن لهذا القسم شعبة يتخصص طلبتها في اللغة العربية وآدابها مثل سائر الأقسام الأخرى.
وقد حاول أساتذة القسم إنشاء هذه الشعبة، وإعادة سائر الأقسام السابق إلغاؤها قبل الانضمام للجامعة عام 1973 إلا أنهم لم يوفقوا في بادئ الأمر. وفي عام 1975 وأثناء عمادة الدكتور عبد السميع محمد أحمد أصبح قسم اللغة العربية يستقبل الطلاب – كغيره من أقسام الكلية - ليحصلوا على ليسانس الألسن في اللغة العربية. وكان ذلك عندما تولى المرحوم الدكتور كامل ليلة وزارة التعليم العالي وقام بزيارته وفد من الكلية لتهنئة سيادته بمنصبه الجديد، وعرضوا عليه رغبتهم في إنشاء شعبة اللغة العربية بكلية الألسن. فتعجب من أن تكون بمصر كلية للغات ولا تدرس بها اللغة القومية كلغة تخصص! وطلب بنفسه السيد أمين المجلس الأعلى للجامعات، وطلب منه إعداد مذكرة بإنشاء شعبة للغة العربية بكلية الألسن للعرض على المجلس الأعلى للجامعات في الغد. فشكره الوفد على سرعة الاستجابة لمطلبه وسرعة اتخاذ الخطوات الرسمية لإنشاء هذه الشعبة. وكان الوفد يتكون من:
الأستاذ الدكتور/ عبد السميع محمد أحمد عميد كلية الألسن وأستاذ اللغة العربية
الأستاذ/ محمد منصور أحمد أستاذ الحضارة بالكلية
الأستاذ الدكتور/ محمد عبد الرحمن شعيب أستاذ مساعد اللغة العربية بالكلية
وقد صدر قرار وزاري رقم 896 بإنشاء هذه الشعبة في 1/ 11/ 1975، وخطاب الأستاذ الدكتور أمين المجلس الأعلى للجامعات رقم 10733 بتاريخ 26/ 11/ 1975 |
واليوم تظل اللغة العربية واحدة من أهم لغات العالم المعاصر وأكثرها جذبًا للدارسين في الشرق والغرب. وقسم اللغة العربية بالألسن يمتاز بمناهجه الدراسية التي تختلف عن مناهج كليات الآداب ودار العلوم، ويحقق إجادة في مجال تعليم اللغة العربية وآدابها لأبنائها وغير الناطقين بها، ويعمل على إنجاز بحوث علمية متميزة في مجالات التخصص اللغوية والأدبية والإسلامية، فضلاً عن إقامة جسور التواصل بين قسم اللغة العربية وأقسام اللغات الأخرى بالكلية من ناحية، وبين قسم اللغة العربية والأقسام المناظرة في الجامعات المصرية والعالمية من ناحية أخرى.
ورئيس مجلس القسم حاليًا هو الأستاذ الدكتور محمد العبد أستاذ اللغويات وعضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة والناقد الأدبي المعروف.
وقد تولى عمادة الألسن من قسم اللغة العربية ثلاثة عمداء من سنة 1970 حتى سنة 1989، وهم:
الأستاذ الدكتور عبد السميع محمد أحمد : من 1970 إلى 1981
الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن شعيب : من 1981 إلى 1987
الأستاذ الدكتور/ محمد عوني عبد الرءوف : من 1987 إلى 1989
كما تولى من القسم أربعة وكلاء لشئون التعليم والطلاب بالكلية، وهم:
الأستاذ الدكتور عبد السميع محمد أحمد : من 1967 إلى 1970
الأستاذ الدكتور عبد الله خورشيد البري : من 1975 إلى 1978
الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن شعيب : من 1978 إلى 1981
الأستاذ الدكتور سعيد حسن بحيري : من 2004 إلى 2008
كما تولى من القسم وكيلاً لشئون الدراسات العليا والبحوث:
الأستاذ الدكتور/ محمد عوني عبد الرءوف : من 1981 إلى 1987
وبذلك تكون للقسم إسهاماته الحميدة في خدمة الكلية والقيام على تطورها ونمائها.
ليس هذا فقط بل إن من الأعمال التاريخية الجليلة التي اضطلع بها قسم اللغة العربية بالألسن في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، ما أدى إلى الاعتراف الدولي باللغة العربية لتصبح لغةً رسميةً في المحافل الدولية. وكانت جامعة الدول العربية قد لجأت إلى الألسن لإعداد تقرير عن صلاحية اللغة العربية وكفاءتها في التعبير عن حياة الإنسان المعاصر بكل جوانبها، وقد أعدّ هذا التقرير أحد أساتذة قسم اللغة العربية هو الأستاذ الدكتور عبد الله خورشيد البري (ت 1990)، وقُدّم التقرير إلى الأمم المتحدة وبموجبه أصبحت اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية في هيئة الأمم المتحدة مع الإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والصينية.
واليوم أصبح قسم اللغة العربية بالألسن، من حيث عدد أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، واحدًا من أكبر أقسام اللغة العربية في الجامعات المصرية. فهو يضم ثلاثة عشر أستاذا، وثلاثة عشر أستاذا مساعدا، وثلاثة وثلاثين مدرسًا، واثني عشر مدرسا مساعدا، وثلاثة عشر معيدًا.
أما أعداد الطلبة بشعبتي القسم في مرحلتي الليسانس والدراسات العليا فهي كالتالي:
ويتكون قسم اللغة العربية من شعبتين:
أ-شعبة للطلبة المصريين والعرب الذين يتكلمون اللغة العربية سليقةً وطبعًا وسبق لهم دراستها بالتعليم ما قبل الجامعي. ولهؤلاء دراساتهم ومناهجهم المعمقة في جميع فروع الدراسات اللغوية والأدبية والإسلامية.
ب-شعبة الطلبة غير الناطقين بالعربية الوافدين من أقسام اللغة العربية في الجامعات الأجنبية خارج المنطقة العربية. ولهؤلاء مناهجهم التي تستهدف صحة النطق وسلامة الفهم والإحاطة المعمقة بمصادر اللغة والأدب والاهتمام بالكتابة والتحرير، ودراسة نصوص مختارة تراثية وحديثة في جميع فروع الدراسات والمقررات بحيث يحصلون بعد أربع سنوات دراسية على ليسانس الألسن في اللغة العربية وآدابها بجدارة واستحقاق. وليكمل من يشاء منهم الدراسات العليا بالقسم أيضًا.
وقد منح قسم اللغة العربية منذ إنشائه في 1975 حتى اليوم أكثر من 100 درجة ماجستير الألسن في اللغة العربية، وأكثر من 100 درجة دكتوراه الألسن في اللغة العربية في الدراسات اللغوية والأدبية والإسلامية، بإشراف أساتذة القسم.
وبدأت الشعبة تتلقى طلبتها وتزودهم بكل ما يجب أن يتزود به المتخصص من دراسات لغوية ودراسات أدبية ودراسات إسلامية، إلى جانب دراسات موسعة للغة من اللغات الأوربية، ودراسات معمقة لإحدى اللغتين الفارسية أو العبرية.
وفي ذلك العام (1975) انضم إلى القسم مجموعة من المعيدين الذين تخرجوا في كلية الآداب جامعة عين شمس وكلية دار العلوم جامعة القاهرة. ومنذ ذلك التاريخ بدأ قسم اللغة العربية مرحلة جديدة في تاريخه وفي تاريخ الألسن.
وقد تخرجت الدفعة الأولى من هذه الشعبة في مايو 1979. وخرج منهم من خرج للعمل بالوزارات المختلفة كوزارة الثقافة ووزارة التعليم. وعُيّن بعضهم معيدًا بالكلية حيث واصلوا دراساتهم العليا على يد أساتذة القسم. وأصبح منهم الآن أساتذة يتولون التدريس بالشعبة وبالدراسات العليا، ويشرفون بكل اقتدار على أجيال الباحثين من طلبة الماجستير والدكتوراه إلى جانب عملهم بالتدريس في سائر شعب اللغات الأجنبية. وأثرهم واضح وجلي في العمل الأكاديمي وفي النشاط العلمي والثقافي وفي سائر الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية بالكلية وعلى مستوى الجامعة.